كتب الناشط السياسي والمدني المعارض للنظام الإيراني، حسين رونقي، مقالاً حصريًا لموقع "إيران إنترناشيونال"؛ لتوعية المواطنين الإيرانيين بمخاطر عملية الاعتقال المحتملة والانتهاكات الموجودة في مراكز الاحتجاز والسجون في إيران.
وذكر رونقي في مقاله: "في ظل استمرار النظام الإيراني القمعي، قد يواجه أي مواطن إيراني خطر الاعتقال والسجن لمجرد التعبير عن رأيه أو مشاركته في أي نشاط سياسي، اجتماعي أو ثقافي، حتى وإن كان بسيطًا. وفي ظل هذا النظام، يمكن اعتبار أبسط الأفعال، مثل العيش بحرية أو التنفس بسلام، جريمة تُعاقب عليها بشدة. لذلك، من الضروري أن نكون واعين بالمخاطر التي قد نواجهها في أي لحظة".
وقد ذكر رونقي أنواعا من تلك المخاطر:
الاعتقال:
قد تقوم وزارة الاستخبارات الإيرانية، أو استخبارات الحرس الثوري، أو استخبارات "ثار الله"، أو الشرطة الأمنية باعتقالنا؛ بسبب نشاط سياسي أو اجتماعي أو فني، أو أي من النشاطات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي.
وتحاول عناصر هذه الأجهزة، منذ لحظة الاعتقال، خلق جو من الترهيب لتخويف المحتجز وبث الرعب في نفسه، وقد يصاحب هذا الاعتقال عنف وضرب، وفي بعض الحالات، يتم استخدام الإهانات والإذلال لتحطيم المعتقل نفسيًا.
وإذا تم اعتقالنا خلال احتجاجات أو مظاهرات في الشوارع، فقد يتم الاعتقال من قِبل قوات الأمن الخاصة (المعروفة باسم الأشرار والمجرمين والمعتدين)، أو عناصر العمليات الميدانية التابعة للأجهزة الأمنية (وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري)، أو قوات الباسيج، أو عناصر الشرطة. وهذه الاعتقالات عادة ما تكون أكثر عنفًا وتصاحبها إهانات وشتائم.
ملاحظة: يحاول العنصر، الذي يقوم بالاعتقال، ترهيب وإخضاع المعتقل، عبر الضرب والشتائم والسلوك غير الأخلاقي وغير الإنساني، قبل تسليمه إلى مركز الاحتجاز. وغالبًا ما تحدث أكبر الأضرار للمعتقل في هذه المرحلة.
مراكز الاحتجاز :
بعد الاعتقال، يتم تسليم الشخص إلى مركز احتجاز من قِبل العناصر الأمنية أو الاستخباراتية، وعادةً ما يتم احتجاز الشخص في زنزانة انفرادية للتعذيب، وخلق ضغوط نفسية، والحد من اتصاله بالعالم الخارجي. في الزنزانة الانفرادية، يحدد المحققون ما يمكن للمعتقل الوصول إليه. قد يتم منح المعتقل بطانية فقط، أو وضعه في زنزانة تحتوي على مزيد من المرافق، مثل ثلاجة صغيرة وتلفزيون صغير.
ويتم تحديد إمكانية الاتصال أو زيارة العائلة، وحتى السماح بالتدخين في مراكز الاحتجاز من قِبل المحققين؛ فكما يقولون: "المحققون هم آلهة مراكز الاحتجاز الأمنية".
وتهدف هذه القيود المتعمدة إلى السيطرة على المعتقل وكسر إرادته. وفي مراكز الاحتجاز، توجد غرف أكبر تُعرف باسم "السويت"؛ حيث يتم احتجاز عدة معتقلين يتمتعون بمرافق أفضل (ثلاجة صغيرة، تلفزيون صغير، إمكانية طلب مشتريات).
تصنيف مراكز الاحتجاز :
تختلف مراكز الاحتجاز حسب الجهة، التي تقوم بالاعتقال، وهي:
مراكز احتجاز وزارة الاستخبارات. وتشمل هذه المراكز:
- مركز احتجاز 209 في سجن إيفين.
- مركز احتجاز "بلاك 100" في شيراز.
- مركز احتجاز "ألف طا" في أصفهان.
- مراكز احتجاز مكاتب الاستخبارات في المدن المختلفة.
مراكز احتجاز الحرس الثوري. وتشمل هذه المراكز:
- مركز احتجاز "2- ألف" في سجن إيفين التابع لاستخبارات الحرس الثوري (مكان وفاة كاووس سيد إمامي).
- مركز احتجاز "1- ألف" (العنبر 502) التابع لاستخبارات "ثار الله".
- مركز احتجاز 59 (عشرت آباد) التابع لمنظمة حماية استخبارات الحرس الثوري.
- مراكز احتجاز الحرس الثوري في المدن المختلفة.
مراكز احتجاز الشرطة. وتشمل هذه المراكز:
- مركز احتجاز كهريزاك (تم تغيير اسمه إلى "سروش 111" بعد جرائم 2009، ثم تم تغيير استخدامه لاحقًا.
- مركز احتجاز شابور لشرطة التحري (من أكثر مراكز الاحتجاز غير الإنسانية في إيران؛ حيث تم تعذيب معتقلي احتجاجات الصوفيين واحتجاجات نوفمبر 2019).
- مركز احتجاز الشرطة السيبرانية (المكان الذي تُوفي فيه المدوّن الإيراني، ستار بهشتي، بسبب التعذيب).
وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك مراكز الشرطة في كل مدينة مراكز احتجاز خاصة بها (تُعرف عادة باسم "سروش")؛ حيث تحدث أسوأ الانتهاكات ضد المواطنين.
السجن :
بعد انتهاء مراحل التحقيق والتعذيب من قِبل الأجهزة الأمنية، يتم إحالة الشخص المعتقل إلى المحكمة، وإذا أدانته المحكمة بالسجن، يتم إرساله إلى السجن لقضاء العقوبة.
ولا يواجه الشخص التعذيب المباشر من قِبل المحققين في السجن، كما كان الحال خلال فترة الاعتقال ومركز الاحتجاز، وعادةً ما يتم احتجاز السجين في غرف كبيرة أو عنابر عامة مع سجناء آخرين.
وتختلف مرافق السجون والعنابر المختلفة عن بعضها البعض؛ حيث إن بعض العنابر العامة بها مشاكل عدة، مثل النوم على الأرض ووجود الحشرات مثل "البق". وفي بعض الأحيان، يتم وضع السجناء السياسيين في عنابر مع المجرمين ذوي الخطورة العالية أو القتلة، مما يمثل خطرًا داهمًا على أمنهم وراحتهم.
وكان قتل المعارض السياسي، علي رضا شير محمد علي، طعنًا بالسكين، في سجن فشافويه، سيئ السمعة الواقع في نطاق العاصمة طهران، مثالًا صارخًا على الجرائم التي تحدث في السجون.
وفي السجن، يتمتع السجناء العاديون بإمكانات أكثر مثل: فناء للتنزه، تلفزيون، مطبخ صغير، مكتبة محدودة، متجر، ومرافق رياضية. ومع ذلك، لا تتوفر هذه الإمكانات بشكل متساوٍ في جميع الأقسام، ويُحرم بعض السجناء من الحد الأدنى من هذه المرافق.
وغالبًا ما يتم توفير مرافق السجون من قِبل السجناء أنفسهم وبتمويل شخصي، ويحاول السجناء تسهيل فترة عقوبتهم بتوفير الإمكانات وابتكار طرق جديدة، ويقيمون احتفالات، مثل عيد النوروز، بشكل جماعي معًا.
وفي بعض الأحيان، يتم حرمان السجناء السياسيين حتى من هذه المرافق الأساسية؛ بسبب تدخل المحققين أو السلوك غير الإنساني لمسؤولي السجن. وتشمل القيود حرمانهم من الاتصالات الهاتفية، ومنع الزيارات الأسبوعية، وعدم منح الإجازات للسجناء، كما حدث سابقًا في العنبر 350 بسجن إيفين للسجناء السياسيين.
انعدام الرعاية الطبية:
يواجه السجناء المرضى العديد من المشاكل، بما في ذلك نقص الأدوية الأساسية، وعدم الوصول إلى الأطباء إلا بشكل محدود، بالإضافة إلى صعوبات أخرى، مثل الحصول على النظارات الطبية والتأخير في تقديم الخدمات الطبية، مما يجعل الوضع أكثر صعوبة لهؤلاء الأشخاص.
وإذا كنت سجينًا سياسيًا مريضًا، فإن هذه الظروف تصبح أكثر صعوبة بسبب التبريرات الأمنية، فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالسجناء السياسيين وسجناء الرأي، لا تنفذ إدارة السجون القوانين المتعلقة بالسجناء المرضى، مثل عدم تنفيذ العقوبة أو وقف الحكم، بحجة أن النيابة العامة والأجهزة الأمنية يجب أن تقرر، أو تمنع نقلهم إلى المراكز الطبية. وهكذا يتم التعامل مع بعض السجناء، مثل أبو الفضل قدياني، ومهوش ثابت، وفاطمة سبهري، ومنوشهر بختياري، وغيرهم من المعتقلين السياسيين.
ومن ناحية أخرى، يكون طعام السجن غير صالح للاستهلاك الآدمي في العديد من السجون الإيرانية؛ بسبب سوء الجودة، مما يجبر السجناء على شراء الطعام على نفقتهم الخاصة، أما الذين لا يملكون القدرة المالية فيواجهون مشاكل في التغذية.
ملحوظة مهمة:
السجن عقاب للمجرمين، في حين أن السجناء السياسيين وسجناء الرأي ليس لديهم دوافع إجرامية، بل كانوا يعملون من أجل الصالح العام بدوافع وطنية خالصة، كما أنه ليس مكانًا لأي من النشطاء السياسيين ومعارضي الرأي، لأنه يؤدي إلى حرمانهم من الحرية، وتقييد اتصالاتهم الاجتماعية، وفرصهم الوظيفية والاقتصادية.
ويلحق السجن أضرارًا جسيمة، لا يمكن إصلاحها أحيانًا، بالصحة الجسدية والنفسية، والعلاقات الأسرية، والاحترام والوضع الاجتماعي، والثقة بالنفس، واستقلالية الأفراد. لذلك، يجب أن نكون متحدين، بغض النظر عن الاختلافات في التوجهات السياسية، للمطالبة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين والمعارضين.